يعتبر أبناء الجالية الإفريقية في فلسطين فلسطينيون من أصول افريقية، رافق أسلاف بعضهم إبراهيم باشا في حملته الشهيرة على فلسطين في عهد محمد علي باشا الكبير الذي كان واليا على مصر في أواخر سنوات الإمبراطورية العثمانية. يسكنون في مدينة القدس على مقربة من أحد أبواب الحرم القدسي الشريف المسمى باب الناظر (باب المجلس)، والذي يقع في الجدار الغربي للمسجد الأقصى. ويعيشون في مساحة ضيقة تسمى "حبس العبيد" ضمن رباطين هما: رباط علاء الدين البصير، والرباط المنصوري.

وكانت منطقة حبس العبيد تستخدم في زمن المماليك استراحة للحجاج القادمين إلى المسجد الأقصى وقبة الصخرة لتقديس حجتهم بعد أن أدوا فرائضها في مكة المكرمة. وقد جاءت تسمية مباني المنطقة التي يقطنها أبناء الجالية الإفريقية بحبس العبيد لكونها كانت تستخدم سجناً زمن العثمانيين.

يتميز أبناء الجالية الإفريقية ببشرتهم السمراء التي تدل على أصولهم الأفريقية، ويعتبرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من فلسطين قضية وأرضا وشعبا ومقدسات.

 

يعود وجود الأفارقة في فلسطين إلى زمن الفتوحات الإسلامية، وتحديدا عندما دخل الخليفة عمر بن الخطاب مدينة القدس يرافقه عدد منهم، أما الجالية الأفريقية المتواجدة حاليا في مدينة القدس والتي تعود جذورها إلى دول تشاد، نيجيريا، السودان، والسنغال، فأبناؤها قدموا في أواخر القرن التاسع عشر، وهم ينحدرون بنسبهم من ثماني قبائل هي: السلامات، البرنو، التكروري، الفيراوي، الحوس، البرجو، والكلمبو، والفلاته. وتكاد أسباب مجيئهم إلى المدينة المقدسة تنحصر في سببين جوهريين هما:

الأول ديني:

حيث جاءوا لقضاء ما يوصف بالحجة المقدسية،  قادمين من مكة المكرمة بعد أداء مناسك الحج هناك، وهم بهذه الحالة يكونون قد حجوا إلى المواقع الثلاث الأساسية التي تشد إليها الرحال حسب الشريعة الإسلامية، ألا وهي، المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، والمسجد الأقصى في القدس الشريف.

والثاني جهادي:

حيث قدموا للدفاع عن المقدسات الإسلامية ضد الانتداب البريطاني ومن ثم الاحتلال الإسرائيلي، وأخذوا على عاتقهم حراسة وحماية الحرم القدسي، وتقديم الخدمات للمصلين. وقد شارك الكثيرون من أبناء الجالية الإفريقية في المعارك التي خاضها الفلسطينيون ضد الحركة الصهيونية وكان أبرزها معركة جبل المكبر التي قادها محمد طارق الإفريقي، واستطاع ومن معه من القوات الفلسطينية والأردنية إنقاذ جبل المكبر ومحيطه من الاحتلال الإسرائيلي عام 1948م.

عددهم:

حسب "جمعيّة الجالية الإفريقيّة": ينتمي أفراد الجالية الإفريقيّة إلى أربع دول إفريقيّة هي: تشاد، ونيجيريا، والسنيغال، والسودان؛ وحسب رئيس الهيئة الإدارية لجمعية الجالية الإفريقيّة (ناصر قوس) في حزيران 2023: تضمّ الجالية الإفريقيّة نحو 370 عائلة إفريقيّة تعيش في المنازل الموجود في منطقة "باب المجلس" بالقرب من المسجد الأقصى.

 تضاءل عدد أبناء الجالية الإفريقية في أعقاب حرب حزيران في عام 1967م؛ بسبب نزوح عدد كبير منهم إلى الأردن وباقي بلدان الشتات الفلسطيني؛ وحسب رئيس الجمعية: يتزايد عدد أبناء الجالية الإفريقية حتى بلغ في العام 2022 نحو 1000 فرد.

وتعدُّ هذه الجالية فتية؛ إذ تقل أعمار غالبية أبنائها عن العشرين عاماً. وتقدر نسبة الذكور بينهم بـ 52% والإناث بـ 48%.

الظروف السكنية:

لا تختلف الظروف السكنية للجالية الإفريقية عن ظروف بقية أبناء البلدة القديمة من القدس الشريف، حيث تعاني منازلهم من الكثافة السكانية العالية، وانعدام الخصوصية إلى حد كبير، بالإضافة إلى قلة التهوية والإنارة الطبيعية، وارتفاع نسبة الرطوبة، فالغرف ضيقة جدا، وملتصقة بعضها ببعض، فهي بالأساس لم تشيد بغرض سكن العائلات، بل لإيواء الأفراد، فيما كانت تسمى الغرفة الواحدة "خلوة". ونظرا للرغبة الشديدة بالبقاء إلى جانب الأقصى، ولضعف الإمكانيات المادية اضطر أبناء الجالية الإفريقية لبناء غرف إضافية في الساحات المكشوفة، بلغت في بعض الحالات إلى ثلاثة طوابق.

 وقد يصل الوضع أحيانا حدا يضطر معه بعض الأزواج الشابة من أبناء الجالية إلى مقاسمة عائلاتهم الحجرات الصغيرة التي تسكنها والتي لا تزيد مساحات أغلبها عن 2.5×3 متر، مما يخلق إشكالات اجتماعية متعددة، وهذا الأمر دفع ببعض أبناء الجالية ممن أسعفه الحظ بوضع مالي جيد نسبياً ليقوم باستئجار مسكن خارج البلدة القديمة.



مكتبة الصور