القدس والمفاوضات
القدس والعملية السياسية.
• المفاوضات حول القدس تراوح مكانها حتى 2009م.
• تطور المفاوضات حول القدس منذ عام 1947م وحتى مؤتمر مدريد1991م.
• المفاوضات حول القدس من مؤتمر مدريد 1991م، وحتى انتفاضة الأقصى عام 2000م.
أولاً: القدس والعملية السياسية:
في عام 1947م، أصدرت الأمم المتحدة قرار رقم 181 يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية، وأخرى يهودية، و وضع مدينة القدس تحت الوصاية الدولية، وقد استطاعت الجمعية العامة للأمم المتحدة تمرير ذلك القرار رغم معارضة اليهود بفضل مجموعة دول أمريكا اللاتينية التي رفضت خضوع القدس لسيادة أي من الدولتين المقترحتين، وبالطبع فقد رفض العرب قرار التقسيم بما يحويه من تدويل لقضية القدس، أما اليهود فقد رحبوا به لكنهم أصروا في الوقت نفسه على الحيلولة دون تنفيذ قرار التدويل.
خلال حربي عام 1948، و1967م، تمكنت إسرائيل من السيطرة على القدس بأكملها، وضاعفت من مساحاتها لتصبح مائة كيلومتر مربع بدل 4 كيلو متر مربع كما كان الحال قبل 1948م.
إن المفاوضات السياسة الفلسطينية/ الإسرائيلية الجارية منذ عام 1993م، امتازت بتمسك المفاوض الفلسطيني بكامل حدود مدينة القدس التي احتلت عام 1967م، على غرار باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة) واعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية، إلا أن الجانب الإسرائيلي استمر بالمماطلة في تحديد وضع القدس و خاصة الأماكن المقدسة كالمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة.
بعد سبع سنوات من المفاوضات، فوجئ وصدم الفلسطينيون بالأفكار الإسرائيلية ورفضوها فور سماعها والتي طرحها ايهود باراك، رئيس الحكومة الإسرائيلية كخطوط أساسية للاتفاقية المقترحة لإنهاء النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، وخاصة ما ورد حول قضية القدس وذلك بتاريخ ٢٣ تموز/يوليو ٢٠٠٠ “ستكون العاصمة مدينة القدس التي ستشمل أبو ديس والعيزرية، وسيادة معينة في الأحياء البعيدة وممر سيادي إلى منطقة المسجد الحرام، وفي الأحياء الداخلية، مثل حي الثوري ستمنح سيادة رمزية، أما باقي الأحياء الداخلية فستتم إدارتها تحت “إدارة حي”، تحت السيادة الإسرائيلية، وبالخضوع لبلدية يروشليم، وستكون هناك صلة لهذه الأحياء مع بلدية القدس في مجال التعليم على سبيل المثال.
أما في البلدة القديمة، فسيتم فرض نظام خاص، ربما نظام منفصل وسيتم تخصيص مجال محدد لعرفات تحت السيطرة الفلسطينية في الحي الإسلامي متاخم لمنطقة المسجد الحرام، أما منطقة المسجد الحرام نفسها فستبقى تحت السيادة الإسرائيلية وسيمنح حق الصلاة لليهود ويمنح الفلسطينيون هناك حق “الحراسة” شريطة أن يلتزموا بعدم القيام بأية حفريات هناك.
وفيما يتعلق بالمستوطنين: دمج ٪٨٠ منهم في كتل استيطانية في خطوط حدودية معقولة، ويتم ضمها إلى إسرائيل للأبد كجزء من عملية ترسيم الحدود الدائمة، هذا إضافة إلى ترتيبات أمنية في غور الأردن والضفة الغربية” .
موجز مقترحات الرئيس كلينتون :
- 1- يمكن حل قضية القدس بجعل الأحياء العربية فلسطينية والأحياء اليهودية إسرائيلية.
- 2- يمكن بذل جهد من أجل التواصل الديموغرافي بين هذه الأحياء
- 3- بالنسبة لمنطقة جبل الهيكل/ الحرم الشريف،فالنقطة الرئيسة هي احترام جميع الأديان
هناك خياران وكلاهما تحت رقابة دولية:
الأول، اقتراح سيادة فلسطينية على سطح جبل الهيكل/ الحرم الشريف، وسيادة إسرائيلية على حائط المبكى (حائط البراق) بما فيه "الحوض المقدس" والذي هو جزء منه، وعلى الطرفين الإلتزام بعدم إجراء حفريات تحت ساحة جبل الهيكل / الحرم الشريف خلف حائط المبكى (حائط البراق).
البديل الثاني، يقترح سيادة فلسطينية على سطح جبل الهيكل /الحرم الشريف وسيادة إسرائيلية على الحائط الغربي بالإضافة الى سيادة اجرائية (تنفيذية) على الحفريات تحت وخلف جبل الهيكل / الحرم الشريف والحائط الغربي و أنه لا بد من اتمام الأتفاق المسبق لإجراء الحفريات اللازمة.
الانتفاضة الثانية والحصار :
في ٢٨ أيلول (سبتمبر) ،٢٠٠٠ قام أرئيل شارون زعيم حزب الليكود “بزيارة” استفزازية الى الحرم القدسي الشريف تحت حراسة الآلاف من قوات الأمن التي انتشرت داخل وحول المدينة المقدسة واصطدمتباحتجاج ومعارضة الفلسطينيين، الأمر الذي تطور الى بداية فصل آخر من فصول المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياساته وممارساته وخاصة في القدس، وعرف هذا الفصل بانتفاضة عام ٢٠٠٠ أو “انتفاضة الأقصى” وبتولي أرئيل شارون رئاسة الحكومة في إسرائيل، أدت الممارسات العسكرية والاستيطانية والحكومية الإسرائيلية إلى “نكبة فلسطينية ثانية” تجاوزت في آلامها ومآسيها وخسائرها نكبة عام .١٩٤٨
عندها دخل الشعب الفلسطيني مرحلة امتازت بكثرة المواجهات والصدامات مع قوات الاحتلال، خاصة على مداخل المدن الفلسطينية والمخيمات والبلدات والقرى في الضفة الغربية وقطاع غزة. فسقط مئات الشهداء والجرحى، نتيجة استخدام قوات الاحتلال المدافع الرشاشة وقذائف الدبابات وطائرات الأباتشي و ال إف 16، في قصف الشعب الفلسطيني وتدمير منشآته ومبانيه ومؤسساته وخاصة المواقع والمقار الأمنية الفلسطينية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، والبنى التحتية من شوارع وجسور، وشبكات كهرباء، وماء ومجاري، وإغلاق مداخل المدن والقرى والبلدات والمخيمات بالحواجز العسكرية والسواتر الترابية، وتقطيع أواصر المحافظات الفلسطينية بعضها عن بعض. وإغلاق المناطق الفلسطينية، وإعلانها مناطق عسكرية مغلقة، وإثر تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلية منذ عام 2002م، بعمليات الاجتياح والتوغل للمدن والمخيمات الفلسطينية بالدبابات والمدرعات وقصف الطائرات، فقتل الاحتلال عشرات القادة الفلسطينيين، إضافة إلى المئات من أبناء الشعب الفلسطيني.
أعادت الآلة العسكرية الإسرائيلية احتلال جميع المدن والقرى وتصفية مؤسسات السلطة الفلسطينية. ٤٢ ٪ من أراضي الضفة الغربية (باستثناء القدس ومنطقة الأراضي الحرام والبحر الميت) تحت سيطرة فعلية للمستوطنات التي بلغت (١٤٢) مستوطنة تضم حوالي ٤١٥,٣٨٣ مستوطن منهم ٢٢٣,١١٩ في الضفة الغربية و ١٨٤,٥٨٩ في القدس الشرقية و ٧,٥٩٥ في قطاع غزه، وخلال عام واحد من حزيران ٢٠٠٣ إلى حزيران ،٢٠٠٤ زاد عدد المستوطنين ٪٥,٣٢ حوالي ١٢,٣٠٦ مستوطن أي أصبح اجملموع ٢٤٥,٠٠٠ مستوطن. لقي أكثر من ٣٥٧٧ فلسطيني حتفه وجرح حوالي ٢٨,٤٥٧ فلسطيني، وتم إغلاق معظم المؤسسات الوطنية وخاصة في القدس. شرعت إسرائيل في إقامة “جدار” بارتفاع ٨ أمتار ويمتد بطول ٨٣٢ كيلومترا،ً ويمثل ضعف طول “الخط الأخضر” وسوف يضم “عمليا” حوالي (٪٤٧,٦) من الأراضي المحتلة ويحاصر ١ ٪١٠) أي ٢٤٩,٠٠٠ من مواطني الضفة الغربية حوالي ( ٢ بين الجدار والخط الأخضر، كما سيحرم حوالي (٪١٣,٨) ٣٢٩,٠٠٠ من الفلسطينيين من أراضيهم.
الأمر الذي أدانته محكمة العدل الدولية في لاهاي في ،٢٠٠٤/٧/٩ واعتبرته ً ومخالفاً للقوانين الدولية ويجب إزالته. اعتداء وفي القدس؛ شرعت إسرائيل في تشييد “جدار” على حدود مدينة القدس الشرقية، في الجنوب والشمال والشرق وأيضاً داخل حدود البلدية ومحاصرة الأحياء الفلسطينية. ١ ١٤ كيلومتراً لعزلها عن فيالجنوب: أقامت جدار بطول ٢ بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا ومخيمات الدهيشة وعايدة وبيت جبرين. في الشمال؛ أقامت جدار بطول ٨ كيلومتراً كما صادرت حوالي (٨٠٠) دونما.ً في الشرق؛ أقامت جدار بطول ٢ كيلومتراً من مخطط لجدار بطول (١٨) كيلو مترا.ً ستصبح مناطق بيرنبالا، الجديره، الجيب، بيت حنينا القديمة، “غيتو” مغلقة ومحاصرة.
وبالإضافة إلى عزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية ومحاصرتها فإن حوالي ٪٥ من أراضي الضفة الغربية في وحول القدس سوف تضم فعلياً لإسرائيل في حين سيتم حرمان حوالي ١٥,٠٠٠ مقدسي في منطقة قلنديا وكفر عقب من مواطنتهم المقدسية.
وفي عام 2004م، شرعت سلطات الاحتلال ببناء جدار الفصل العنصري، بدءاً من محافظة جنين شمالا إلى طولكرم وقلقيلية ونابلس ورام الله والقدس، ثم بيت لحم والخليل.
ولم يتم الانتهاء من بناء الجدار حتى عام 2009م، وما تزال سلطات الاحتلال ماضية في عمليات البناء جنوب الضفة الغربية، رغم المواقف العربية والدولية المعارضة لبنائه، متخذة من الذرائع الأمنية حجة لإقامته، في حين أن الهدف الرئيسي من إقامته هو مصادرة الأراضي الفلسطينية وضم التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية، وإغلاق مدينة القدس.
واستتبع ذلك قيام سلطات الاحتلال بعمليات هدم لمئات المنازل في القدس وسيطرة المستوطنين على ممتلكات الفلسطينيين وبيوتهم ومؤسساتهم وأراضيهم، والتصرف بمقدساتهم كيفما شاؤوا، في البلدة القديمة وأحياء رأس العمود وسلوان والشيخ جراح، وإعلان سلطات الاحتلال عن نيتها مصادرة نحو 1200دونم من أراضي أبو ديس والسواحرة الشرقية في شهر نيسان 2009م، بهدف إيجاد تواصل عمراني وشوارع بين مستوطنتي معاليه أدوميم وكيدار.
كما أن اللقاءات والاجتماعات والمفاوضات الفلسطينية/ الإسرائيلية، التي جرت بعد أن تم تنحية أرئيل شارون، وتسليم رئاسة الوزراء في إسرائيل ل أهود أولمرت، سواء على صعيد لقاءات القمة بين أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" والتي استمرت منذ عام 2006م، حتى آذار 2009م، لم تسفر عن نتائج سواء على صعيد ملفات الحدود والمياه واللاجئين والأرض أو على صعيد ملف القدس.
وأكد ذلك الفلسطينيون والإسرائيليون، فلا اتفاق خارطة الطريق عام2003م التي التزمت بها السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا موضوع حل الدولتين في مؤتمر أنابوليس عام 2007م، أستطاع أن يأتي بالجديد على صعيد المفاوضات حول القدس بل على العكس فلم يأبه الطرف الإسرائيلي لبنود خارطة الطريق التي تلزمه بصورة واضحة بتجميد النشاط الاستيطاني بشكل كامل في كافة المناطق المحتلة عام 1967م ومن ضمنها القدس: "بالتوافق مع تقرير ميتشيل، تُجمّد حكومة إسرائيل كافة النشاطات الاستيطانية (بما فيها النمو الطبيعي للمستوطنات).
وبعد الانتخابات الأمريكية والإسرائيلية، وصعود حزب اللكود الإسرائيلي، وتسلم بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة في إسرائيل بعد تحالفه مع أشرس المتطرفين والعنصريين اليهود معاداة للشعب الفلسطيني أفيغدور ليبرمان "حزب إسرائيل بيتنا" أكد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل في خطابه في جامعة بار إيلان يوم 14/6/2009م على أن القدس الموحدة ستبقى عاصمة لإسرائيل كما وأكد على الاستمرار في عمليات توسيع المستوطنات، وعدم عودة اللاجئين إلى أراضي عام 1948م، وكان نتنياهو يرد بهذا الخطاب على الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي دعا في خطابه الذي وجهه إلى العرب والمسلمين في القاهرة في بداية شهر حزيران 2009م، الذي أكد فيه على حل الدولتين (فلسطين وإسرائيل)، ووقف الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحل جميع القضايا العالقة بين الطرفين حسب قرارات الشرعية الدولية.
أ. المفاوضات حول القدس منذ عام 1947م وحتى مؤتمر مدريد 1991م:
منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993م، يرى بعض الفلسطينيين، بأن ذلك الاتفاق تضمن على سوءاته، قبول إسرائيل للمرة الأولى بطرح مستقبل القدس للتفاوض، وإن كان إلى أجل لاحق، ضمن ما يعرف بالقضايا المؤجلة لمفاوضات المرحلة النهائية.
فهناك سوابق تفاوضية عربية إسرائيلية رسمية، ناهيك عن المحادثات غير الرسمية. وبغض النظر عن نشاطها في التوصل إلى حل، فإنها تندرج في دائرة الخبرات التفاوضية التي لا يحق إهدار دلالتها.
كما أن في مضمونها ما يؤشر على محتويات الخطاب التفاوضي لأطراف التفاوض، وبالمقارنة مع مفاوضات القدس عام 2000م، فإن عملية التفاوض تفصح عن مدى التغير والثبات في مواقف هذه الأطراف بخصوص القضية ذاتها، لذلك فإنه يلاحظ التالي:
1. نص القسم الثالث من قرار التقسيم عام 1947م، على إنشاء نظام خاص للقدس، بحيث تتولى الأمم المتحدة إدارتها وذلك عن طريق مجلس للوصاية.
وبعد التطورات التي أنتجتها حرب عام 1948م، التي أفضت إلى سيطرة إسرائيل على 84.23% من المنطقة المقترحة للنظام الخاص، وبقاء 11.38% منها تحت سيطرة الجانب العربي (الأردن)، وباقي المساحة 4.39% أرض مشاع تشرف عليها الأمم المتحدة، ونتيجة لهذه التحولات حاول الوسيط الدولي برنادوت تغيير هذا الوضع بالتراضي بين العرب وإسرائيل، أو تنفيذ فكرة النظام الخاص، حيث جرت مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين، انتهت إلى بقاء الوضع على ما هو عليه، وكان ذلك خروجاً من(إسرائيل) عن القرار الدولي 181.
في سبتمبر عام 1949م، عندما أعلنت إسرائيل أن القدس عاصمة لها، أصدر مجلس الوصاية قراراً في 20/ديسمبر1949م، يبطل الإجراء الإسرائيلي، ثم لاحظ المجلس في 14/يونيو1950م، أن إسرائيل والأردن، لم تبديا تعاونا لتنفيذ نظام القدس الخاص.
2. بعد سيطرة (إسرائيل) على القدس عام 1967م، مضت في تطبيق تصورها لتهويد المدينة بالكامل، وأعلنتها عاصمة أبدية موحدة لها وضمها لإقليمها، وقامت بتفسير القرار 242 بأنه لا يشمل القدس، كما شرعت في تغيير معالم المدينة الجغرافية والديمغرافية والحياة البلدية، والاقتصادية على النحو الذي بات واضحا الآن، وقد تقيدت إسرائيل بهذا الموقف أثناء مباحثات كامب ديفيد مع مصر عام 1978م، وكذا في مباحثات الجانبين الخاصة بتطبيق الشق الفلسطيني من المعاهدة.
3. لم تشر مباحثات كامب ديفيد عام 1978م، إلى مستقبل القدس، ولكن جرى تسجيل المواقف حولها من قبل كلا الطرفين المصري والإسرائيلي عبر الرسائل مع الوسيط الأمريكي، وكان يعني ذلك تأجيل البت في القضية إلى أجل غير مسمى.
وتمثل الموقف المصري في أن القدس المحتلة جزء من الضفة الغربية المحتلة 1967م.
ينبغي أن تعود الحقوق العربية فيها والسيادة للعرب. ومن حق سكانها الفلسطينيين ممارسة حقوقهم الوطنية كجزء من الشعب الفلسطيني. ويجب أن ينطبق القراران 242، 338، على المدينة، مع إبطال كل الإجراءات الإسرائيلية فيها. وأن تتوفر لجميع الشعوب حرية الوصول إلى القدس وزيارتها وممارسة الشعائر الدينية دون تمييز، ويجوز وضع الأماكن لكل دين تحت إشراف مجلس بلدي مشترك، يتكون من عدد متساو من العرب والإسرائيليين للإشراف على تنفيذ هذه الوظائف.
أما رسائل إسرائيل إلى الجانب الأمريكي، فقد حملت أن الكنيست الإسرائيلي أصدر قانوناً في 28 يونيو 1967م، يقضي بأن يكون من سلطة الحكومة إخضاع أي جزء من أرض إسرائيل الكبرى للدولة. وطبقاً لذلك، أصدرت إسرائيل مرسوماً في يوليو 1967م، ينص على أن القدس مدينة واحدة غير قابلة للتقسيم، وأنها عاصمة دولة إسرائيل. وردت واشنطن على هاتين الرسالتين بأن موقف الولايات المتحدة من القدس، هو الموقف ذاته الذي أعلنه السفير الأمريكي أمام الجمعية العامة في 14 يوليو 1967م، وكذا في يوليو 1969م، وخلاصته أنه يجب أن يكون هناك اعتراف بوجود مصالح للأديان الثلاثة الكبيرة في المدينة المقدسة. وأنه قبل اتخاذ أي إجراء إنفرادي بشأنها يتعين التشاور مع الزعماء الدينيين وكل من يتصل بالموضوع.
4. جرى طرح مستقبل بالقدس أثناء المفاوضات بين مصر وإسرائيل (مايو 1979- ديسمبر1981م). وقد تعاملت القاهرة مع القدس باعتبارها جزء من الأرض المحتلة عام 1967م، أرضاً وسكاناً. لذلك فهي لم تعبأ بأن هذه القضية لم ترد في معاهدة كامب ديفيد.
ولكن المفاوض المصري آنذاك رأي أنه يمكن وضع الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية تحت الإدارة العربية (الفلسطينية)، فيما يوضع حائط البراق تحت إدارة "إسرائيل". واستمسك بقضية السيادة في القدس، التي هي للشعب الفلسطيني، وتم رفض الإدعاء الإسرائيلي بأن تكون السيادة مفتوحة.
في ذات السياق لم تحرك إسرائيل ساكناً في موقفها الموضح في الرسائل المتبادلة في كامب ديفيد. بل الأدهى من ذلك أنها ذهبت إلى إعلان ضم القدس الموحدة إليها، وكان هذا السبب إلى جانب أسباب أخرى الذي أودي بالمفاوضات كلها.
5. لقد غابت قضية القدس عن وثائق الدعوة لمؤتمر مدريد (30 أكتوبر- 2 نوفمبر1991م)، بسبب إصرار إسرائيل على أن القدس ليست موضوعاً للتفاوض، ورفضها مشاركة مقدسيين في الوفد الأردني المشترك. لكن الولايات المتحدة أبلغت الجانب الفلسطيني في رسالة تطمينات، بأن كل ما يفعله الفلسطينيون في هذه المرحلة لن يؤثر على مطالبهم في القدس 1967م، ومن حق سكان القدس المشاركة في مفاوضات المرحلة النهائية.
ب. المفاوضات حول القدس من مؤتمر مدريد 1991م حتى انتفاضة الأقصى 2000م.
القدس في مفاوضات واشنطن (1991- 1993م):
في مفاوضات واشنطن الفلسطينية/ الإسرائيلية (نوفمبر 1991- أغسطس 1993م)، طالب الوفد الفلسطيني بفتح ملف القدس للتفاوض لأن تأجيل القضية يعني المزيد من سياسات الأمر الواقع والتهويد في المدينة، وأصر على أن القدس المحتلة، هي موضوع ولاية السيادة الفلسطينية في المرحلة الانتقالية. فيما يمكن تأجيل البت في مصير القدس الموحدة للمرحلة النهائية من المفاوضات. ورأي ضرورة مشاركة فلسطينيي القدس في المؤسسات الفلسطينية بالترشح والانتخاب. وقد بقي الموقف الإسرائيلي على حالة منذ صيغة كامب ديفيد. وكل ما قبلت به إسرائيل هو إمكانية تصويت مواطني القدس، ولكن دون الترشح للمؤسسات الفلسطينية، ورفضت التعهد بوقف عمليات الاستيطان في القدس بشقيها.
القدس في مفاوضات (أوسلو) السرية (1992م- 1993م):
جرى تصنيف قضية القدس في مفاوضات أوسلو السرية الفلسطينية/ الإسرائيلية (ديسمبر 1992- أغسطس 1993م)، ضمن قضايا مرحلة التفاوض النهائي. واعتبر المفاوض الفلسطيني ذلك إنجازاً غير مسبوق. كون إسرائيل اعترفت بذلك أن القدس موضوع للتفاوض بما يشكك في قرار ضمها لإسرائيل وصحة الإجراءات الإسرائيلية فيها.
وخلال العملية التفاوضية غير المعمقة، كانت المواقف العربية أقرب إلى الالتزام بمقررات الشرعية الدولية بخصوص القدس، لاسيما المتعلقة بالمدينة منذ عام 1967م. فالخطاب المصري كان واضحاً خلال عملية التفاوض في كامب ديفيد، وكذا الفلسطيني في واشنطن، في المقابل كانت السياسة الأمريكية ضبابية بعض الشيء، لاسيما فيما يتصل بالسيادة على القدس.
بينما غلب على الموقف الإسرائيلي تنحية هذا الخطاب تماماً، والاعتماد على الأطر القانونية الداخلية باعتبارها تعلو عليه. حيث بدا أيضاً تعلق السياسة الإسرائيلية بالتصورات التوراتية تجاه القدس.
ويفهم من الطرح العربي عموماً، وفي جميع جولات التفاوض مع الإسرائيليين، أن القدس موضوع المطالب العربية هي القدس المحتلة 1967م، كما يفهم أيضاً تزحزح هذه المطالب فيما يتعلق بالأبعاد الدينية، ولاسيما القبول المصري بالإشراف الإسرائيلي على حائط البراق، الأمر الذي ينحرف إلى التجاوب المحدود مع الأمر الواقع الجديد الذي خلفه استيلاء إسرائيلي على القدس عام 1967م.
وعبر كل مراحل التفاوض كان يتم التغلب على عقبة القدس بإزاحتها وإرجائها إلى مواقيت تالية. وبدا ذلك مدخلاً التفافياً ضرورياً لتمرير عملية لتسوية على المسارات المعنية. بيد أن المدخل سمح للطرف الإسرائيلي، المسيطر على المدينة بإحداث تحولات كمية ونوعية لا حصر لها في المدينة ومحيطها الجغرافي والديموغرافي والبنيوي، ولم يشتمل على إجراءات احترازية صارمة تحول دون هذه التحولات ضد المطالب العربية أو التي من شأنها إضعاف الموقف التفاوضي العربي.
المصادر:
1- مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، قضية القدس في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية www.acpss.ahram.org2- مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، تطور المفاوضات حول القدس.
3- وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا" 2009م، قطاع المعلومات