القطار الخفيف
في مسعى خطير لربط مدينة القدس المحتلة بشطريها الشرقي والغربي بشبكة من المواصلات الخاصة في الكيان الإسرائيلي، وتقطيع الأحياء المقدسية وفصلها عن بعضها، بدأت "اللجنة المحلية للتنظيم والبناء" في بلدية الاحتلال بالقدس العمل على تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع "القطار الخفيف". ويأتي هذا المشروع التهويدي بالدرجة الأولى، ضمن مخطط إسرائيلي كبير وخطير يستهدف تهويد القدس بكاملها، وفرض أمر واقع بقوة احتلاله، ومحاولة لتغيير طابعها الإسلامي والعربي ووجها الحضاري. ويعتبر المشروع-وفق بلدية الاحتلال-من أهم المشاريع التي تربط شبكة المواصلات الخاصة بالقدس بكافة أرجاء الكيان الإسرائيلي عبر القطارين "الخفيف والكبير"، حيث سيتم ربط القدس بـ"تل أبيب" ويافا وحيفا شمالًا وفي الوقت نفسه ربط المستوطنات بالمدينة المقدسة ببعضها البعض وفقا لما نشرته وكالة "صفا".
تفاصيل المشروع ويتضمن المشروع ثلاث مراحل، الأولى تم الانتهاء منها قبل عشر سنوات، وهي تبدأ من منطقة شعفاط حتى الجزء الغربي من القدس بالقرب من "عين كارم". كما يقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب.
ويوضح لوكالة "صفا" أن المرحلة الثانية من المشروع تبدأ من بلدة العيسوية ومستوطنة "التلة الفرنسية" وقرب الجامعة العبرية، وصولا للجزء الغربي من القدس مرورا في منطقة "تلبيوت" الصناعية إلى بيت صفافا وحتى مستوطنة "جيلو" جنوب غرب المدينة. وسيمتد طول "القطار الخفيف" في مرحلته الثانية على مسافة 22 كيلو متر، وستقام 47 محطة على طول مسار ما يسمى بـ"الخط الأخضر"، بحيث سيلتقي مع القطار العادي لنقل المستوطنين من القدس إلى الساحل الفلسطيني. وبحسب أبو دياب، فإن الهدف من خط سكة الحديد الجديدة ربط المستوطنات في شمال القدس بجنوبها، عبر شبكة من المواصلات، بهدف إغراق المدينة بالمستوطنين وتسهيل حركة تنقلهم بداخلها، كما يمثل حلقة ربط هامة بالنسبة للكيان الإسرائيلي.
وتعمل "إسرائيل" من خلال مخططاتها، على فرض ما يسمى مشروع "القدس الموحدة، وأنها العاصمة الأبدية لليهود"، لذلك تبدأ مشاريعها التهويدية من الشطر الشرقي للمدينة لربطها بشطرها الغربي حتى لا يكون هناك أي فصل بينهما. ويندرج هذا المشروع التهويدي ضمن منظومة الطرق الاستراتيجية التي تمتد من شمال القدس حتى جنوبها لتخدم المشروع الاستيطاني العام، بما فيها تسهيل حركة تنقل المستوطنين من المستوطنات إلى المدينة. وبحسب المشروع، سيتم تطبيق تغييرات على ترتيبات المرور ومواقف السيارات في مستوطنة "جيلو" جنوب القدس، كجزء من أعمال إنشاء ما يسمى "الخط الأخضر للقطار الخفيف". وقالت بلدية الاحتلال إنها بصدد إنجاز هذا الخط الجديد بأسرع وقت ممكن، لأن من شأنه تنفيذ خطة الحكومة الخاصة بربط المستوطنات، متوقعة أنه بحلول العام 2023 أن يكون جميع المستوطنين في "جيلو" مؤهلين لاستخدام "القطار الخفيف".
تمزيق الأحياء ويضيف الباحث في شؤون القدس أن تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع "القطار الخفيف" سيؤدي إلى تقسيم الأحياء العربية المقدسية، وتغيير وجه المدينة، ومصادرة آلاف الدونمات من أراضي المواطنين الفلسطينيين ومنازلهم، خاصة في العيسوية وبيت صفافا وكثير من الأحياء، وكذلك اختراق هذا الخط للشوارع الرئيسة في المدينة. ويبين أن ذلك سيؤثر بشكل كبير على شركات المواصلات العربية في القدس، والتي يعمل بها آلاف المقدسيين، وعلى حركة السير، وربما يؤدي إلى توقف عملها، مما يزيد من خنق الاقتصاد المقدسي.
وكانت سلطات الاحتلال صادرت آلاف الدونمات من أراضي المقدسيين في شعفاط والمصرارة وبيت حنينا من أجل إقامة المرحلة الأولى من "القطار الخفيف". وبنظر أبو دياب، فإن المشروع التهويدي سيهدد أمن المقدسيين نتيجة الانتشار المكثف لقوات الاحتلال وحراسات أمن المستوطنين بالمنطقة، الأمر الذي سيشهد مزيدًا من الاعتقالات والمخالفات.
وأما المرحلة الثالثة من المشروع، والتي تسمى بـ"الخط البني" ستبدأ من صور باهر وجبل المكبر جنوبا مرورا في بلدة سلوان وراس العامود والشيخ جراح وحتى بيت حنينا و"عطاروت" شمالًا، وسيتخللها أيضًا الاستيلاء على آلاف الدونمات والمنازل.
ويؤكد أبو دياب أن حكومة الاحتلال تخصص مليارات الدولارات لتحويل القدس إلى طابع معماري وحضاري وثقافي مغاير لما هي عليه، واستحداث مظاهر بعيدة عن القيم والحضارة العربية الإسلامية والتاريخية للمدينة.