حريق المسجد الاقصى
كان حريق المسجد الأقصى المبارك عام 1969 واحداً من اعتداءات كثيرة تعرض لها المسجد الأقصى المبارك على مر تاريخه وخاصة بعد الانتداب البريطاني عام 1917م والاحتلال الصهيوني الغاشم عام 1967.
حصل الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك بإحراقه يوم 1969/8/21م، وكان الفاعل من المتطرفين اليهود من أستراليا واسمه دينيس مايكل روهان)، حيث تسلل إلى داخل المسجد الأقصى المبارك عبر باب المغاربة الذي كانت قوات الاحتلال قد صادرت مفاتيحه منذ الاحتلال عام 1967م، ثم تسلل إلى داخل الجامع القبلي وأشعل النار في ثلاثة أماكن بمواد كيماوية شديدة الاشتعال وكانت النيران تتركز في ثلاث نقاط رئيسية المحراب والواجهة القبلية للجامع القبلي والرواق الشرقي، والزاوية الجنوبية من الرواق الغربي للجامع، وبالتالي فقد كان المقصود إحراق الجامع القبلي جميعه كمقدمة لخروج النيران عن السيطرة واحراق منطقة المسجد الأقصى المبارك بالكامل.
ولدى تنبه المسلمين إلى النيران تداعى الجميع لإطفاء الحريق، وتم استدعاء خدمات الإطفائية من رام الله والخليل ونابلس وبيت لحم بالإضافة للإطفائية التابعة لبلدية القدس (التابعة لسلطات الاحتلال)، وقد وصلت جميع سيارات الإطفاء حتى من الخليل قبل أن تصل سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس..!! مما عزز الشكوك أكثر بوجود مؤامرة على مستوى عال لتدمير المسجد كله، ومما أكد هذه الشكوك أن المسلمين في الأقصى فوجئوا بقطع المياه عن منطقة المسجد الأقصى المبارك بالكامل (من قبل البلدية، مما اضطر الجميع لاستعمال البراميل لملء المياه من منازلهم واستعمال التراب وكل ما وصلت إليه أيديهم لإطفاء النيران...!!
وبعد انتهاء الحريق توضحت الصورة الحزينة لما حدث للجامع القبلي الذي هو المصلى الرئيسي للمسجد الأقصى المبارك، حيث سقط سقف الرواق الشرقي للجامع بالكامل وانصهر الرخام الموجود على الواجهة القبلية والمحراب وتداعت القبة أيضاً بعد أن أصابتها أضرار كبيرة في خاصة في أجزائها السفلى، واحترق المنبر التاريخي الذي بناه الملك العادل نور الدين محمود وأحضره السلطان الناصر صلاح الدين - من حلب - عن آخره، ولم يبق منه إلا قطع حشبية صغيرة موجودة حاليا في المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى المبارك.
وقد تم بالفعل القبض على الفاعل الذي اعترف بصنيعه وادعى أنه قام بهذا الاعتداء تنفيذاً لنبوءة توراتية موجودة في سفر زكريا، وتبين لاحقاً كما نص بعض الباحثين أنه كان قد هاجر إلى فلسطين من أستراليا وتدرب في الكيبوتسات مدة عامين. ولكن المحكمة فاجأت العالم كله عندما ادعت أن هذا المتطرف مختل عقليا وأخلت سبيله..!!
وأما ردة الفعل الإسلامية فكانت ضعيفة للأسف ولم تتعد التنديد والشجب والبيانات التي أعقبها إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي..!!! مما حدا بجولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية في ذلك الوقت بأن تصرح أن يوم حريق المسجد الأقصى المبارك كان أسوأ يوم في حياتها وكان في نفس الوقت أسعد يوم في حياتها....!! فقد كان أسوأ يوم في حياتها عندما علمت بالحدث وتصورت أن هذه نهاية دولة إسرائيل.. ولكنه كان أسعد يوم في حياتها عندما عرفت ردة الفعل العربية والإسلامية...!!!
وبعد ذلك بدأت عمليات الترميم المضنية لما احترق من الجامع القبلي، والتي ما زال بعضها مستمراً إلى اليوم وكانت أهم إنجازات الترميم في الجامع أن تم إعادة بناء الرواق الشرقي بالكامل بما فيه السقف، وتم ترميم معظم الزخارف الفسيفسائية والرخامية الموجودة على الواجهة القبلية للجامع والمحراب، ولكن بعضها لم يتم ترميمه إلى اليوم لاستحالة ذلك وما زالت آثاره بادية خاصة في قاعدة القبة وأعلى الأقواس الجنوبية، كما تم تغيير كساء القبة الخارجي من الفضة إلى الرصاص، وتم وضع منبر حديدي صغير مكان منبر نور الدين محمود التاريخي أما المنبر فإن مشروعاً ضخماً تم إنجازه في الأردن داخل جامعة البلقاء التطبيقية لإعادة بناء منبر مطابق تماماً لمنبر نور الدين محمود، ومن نفس الخامات وبنفس الطريقة التي بني بها المنبر السابق تماماً، وقد انتهى العمل بهذا المشروع المضني والمميز خلال عشر سنوات، ووضع المنبر الجديد بحمد الله رب في مكانه من الجامع القبلي في سنة 2007 العالمين، وبعد مرور أربعين عاماً على هذا الحدث الشنيع. والحمد لله رب العالمين.