تعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية في العالم، فهي أقدم بناء بني في الله محافظاً على شكله الهندسي الأصلي وعناصره المعمارية والزخرفية في الأغلب دون تغيير كم عمارية في القبة وغناها الكبير تضيف إلى هذا المبنى رونقا لا يضاهي، حتى إن نظريات كثيرة قد بحـثت فيه ونشرت حول تفسير بناء هذه

القبة وتفسير شكلها وسبب بنائها على هذا الأساس المميز والمختلف عن جميع الأبنية ذات الصبغة الدينية في عصور المسلمين كلها.

AnyConv.com__Jerusalem-15353

بنى هذه القبة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (86-65هـ / 684-705م، حيث بدأ العمل في بنائها سنة 66هـ/ 685م، وتم الفراغ منها سنة 72هـ / 691م وأشرف على بنائها المهندسان رجاء بن حيوة الكندي وهو من التابعين المعروفين وأصله من مدينة بيسان في فلسطين، ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو مهندس من القدس.

IMG20221219130515 (Copy)

 وقبة الصخرة بناء مثمن الأضلاع، ويتوسط البناء الصخرة المشرفة وترتفع هذه الصخرة نحو متر ونصف المتر عن أرضية البناء وهي غير منتظمة الشكل يتراوح قطرها بين 13 وحوالي 18 متراً، وتعلو الصخرة في وسط المبنى قبة دائرية قطرها حوالي 20 متراً.

 والشكل العام المثمن لمبنى القبة يقوم على صفين من الأعمدة يتكون كل صف منها من مجموعة من الأعمدة الكبيرة المستطيلة التي تسمى (المدامك ومجموعة من الأعمدة الرخامية الصغيرة الأسطوانية، ويبلغ عدد المدامك في الصف الخارجي (التثمينة الخارجية) ثمانية مدامك

يقوم عليها المبنى الرئيس، وبين كل اثنين منها يوجد عمودان صغيران ويكون بالتالي مجموع هذه الأعمدة الصغيرة في التثمينة الخارجية 16 عموداً. أما الصف الداخلي فيحيط بالصخرة نفسها ويحتوي على 4 مدامك كبيرة وبين كل اثنين منها 3 أعمدة صغيرة يكون مجموعها بالتالي 12 عمودا، وهذه المدامك الأربعة الداخلية هي الأساس الذي تقوم عليه رقبة القبة نفسها.

 وفي الجانب القبلي من الصخرة تقع (مغارة الأرواح) وهي مفارة طبيعية صغيرة تقع في جوف الصخرة من ناحية القبلة، وتتسع لحوالي 40 شخصا، وفيها ثقب في جسم الصخرة ينفذ إلى الأعلى بقطر حوالي 40-50 سم، ويستخدم لإضاءة المغارة، وذكر فيه خزعبلات وأساطير كثيرة أهمها أنه تشكل بفعل إصبع جبريل عليه الصلاة والسلام)، أو أنه خرق بسبب صعود النبي صلى الله عليه وسلم منه إلى السماء ليلة الإسراء والمعراج، وكل هذه الخرافات لا أصل لها، والصواب أن هذا الثقب هو من عمل الصليبيين كما سنبين لاحقاً.

 ويوجد في قبة الصخرة مجموعة من المحاريب يبلغ عددها 14 محراباً: سبعة متلاصقة منها أمام الباب الشمالي للمبنى وواحد في الجهة الشمالية الشرقية عند الصف الداخلي للأعمدة المحيطة بالصخرة، وآخر في ناحية القبلة هو المحراب الرئيس للمبنى وثلاثة متلاصقة في الجهة الغربية من المبنى ومحرابان أموي وفاطمي، يقعان تحت الصخرة في مغارة الأرواح ويحتوي المبنى على 52 شباكاً وعلى أقواس مغطاة بالفسيفساء تربط الأعمدة عددها 24 وعلى 99 بلاطة رخامية سوداء مميزة.

 ويحتوي مبنى قبة الصخرة على عناصر معمارية وزخرفية غنية جدا، لا سيما الزخارف الأموية، حيث تتميز الفسيفساء الأموية فيها بأنها تحتوي على صور أشجار ونباتات ذكرت كلاما في القرآن الكريم، كما تتميز الزخارف الأموية كلها (سواء الفسيفسائية منها أو تيجان الأعمدة بأنه لا توجد أي وحدة زخرفية فيها تشبه الأخرى إطلاقا، وتنتشر فيها كتابات أموية بالفسيفساء تعد من أقدم الآثار الباقية للكتابة في العهد الأموي وتدور هذه الكتابات كلها حول التوحيد وحول رسالة وطبيعة المسيح عليه الصلاة والسلام ونبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما كتبت أجزاء من سورة طه التي تذكر قصة موسى عليه الصلاة والسلام بالفسيفساء على الإطار السفلي الرقبة القبة أما القبة الذهبية نفسها، فتتكون في الحقيقة من قبتين داخلية وخارجية بينهما مسافة تبلغ حوالي متر واحد والداخلية مصنوعة من الخشب ومكسوة من الداخل بالجص المذهب. أما القبة الخارجية فكانت قديماً مصنوعة من الرصاص ومكسوة بالذهب، ثم تغير الكساء إلى ألواح من  الرصاص حتى الخمسينيات من القرن الماضي، عندما أعيد كساؤها بألواح الألمنيوم المذهب .

IMG20221219122620 (Copy)

تم تغطيتها بألواح من معدن الخارصين المطلي طلاءً كيميائياً بطبقة رقيقة جداً من الذهب الخالص في تغطيتها 24 كلم من الذهب ويعلوها هلال يبلغ ارتفاعه حوالي هم ويبلغ ارتفاع المبنى كله حق للهلال حوالي 40م.  وقد كان مبنى القبة في العهد الأموي مغطى من الداخل والخارج بالفسيفساء، وذلك حتى الفترةا العثمانية  حيث أمر السلطان العثماني سليمان القانوني بتغطية المبنى من الخارج بالبلاط القاشاني الأزرق بدلا من الفسي والبلاط القاشاني يصنع من الفخار ويطلى ثم يغطى بطبقة قاسية ولامعة تسمى المينا، وسمي بذلك نسبة * في بلاد فارس، وفي عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني تمت كتابة سورة يس على محيط المبنى المثم الخارج على يد الخطاط محمد شفيق)

IMG20221219120836 (Copy)

 

 الاحتلال الصليبي .

 عندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 493هـ/ 1099م قاموا بتحويل قبة الصخــ سم معبد الرب  Temple Domini)، كما ذكر بعض الرحالة الكاثوليك وذكر بعض الرحالة الارثوكس ان اسن هذه الكنيسة كان كنيسة قدس الأقداس. وتم تحويل الصخرة الي مذبح وتم خرق الصخرة وصنعوا فيها الثقب الذي ذكرناه سابقا، وذلك لتصفية دماء القرابين في المغارة كما قطعوا الصخرة وكانوا يبيعون حجارتها بوزنها ذهبا حتى حاول بعض ملوكهم حمايتها فغطوها بالبلاط.

 

 الأيوبيون .

 ولم يشأ الله عز وجل أن يطيل معاناة قبة الصخرة المشرفة من ذلك الاحتلال الغاشم حتى هيأ الله سبحانة وتعالى القائد الجليل صلاح الدين يوسف بن أيوب 564 - 589 هجرية 1169-1193 لتحرير فلسطين واستردادها من الصليبيين سنة 583 هجرية / 1187 ميلادية

 

وبذلك تطهرت قبة الصخرة المشرفة، حيث قام صلاح الدين بإعادتها إلى ما كـانت عليه قبل الصليبيين وازالة جميع بصماتهم التي وضعوها عليها، فقد قام بإزالة المذبح الذي أضافوه فوق الصـخرة والبلاط الرخامي الذي كسوا به الصخرة والصور والتماثيل، وكذلك أمر بعمل صيانة وترميم لما يحتاجه المبنى حيث تم نجديد تذهيب  القبة من الداخل وذلك حسب ما نجده اليوم مكتوبا من خلال الشريط الكتابي الواقع داخل القبة والذي جاء فيه ما نصة بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد تذهيب هذه القبة الشريفة مولانا العادل العامل صلاح الدين يوسف بن أيوب تغمده الله برحمته وذلك في شهور سنة وست وثمانين وخمسمائة .

 



مكتبة الصور

مكتبة الفيديو