المدرسة العمرية
وهي مجمع لثلاث مدارس إسلامية: المدرسة المحدثية، والمدرسة الجاولية، والمدرسة الصبيبية.
وتقع المدرسة العمرية في الرواق الشمالي للمسجد الأقصى على مقربة من باب الغوانمة وتمتد إلى المدرسة الإسعردية شرقاً. يحدها من الجنوب المسجد الأقصى، ومن الشمال الطريق العام المسمى بطريق المجاهدين (أو السرايا قديما و"طريق الآلام" حالياً)، ويحدها من الغرب الطريق المؤدي إلى المسجد الأقصى والمعروف بطريق بوابة الغوانمة، ومن الشرق "حاكورة" (أرض وقفية للزراعة قرب الدُّور) تابعة للمدرسة الملكية.
سميت بالعمرية تيمناً بالفتح العمري للخليفة الثاني عمر بن الخطاب، حيث جاء في بعض الروايات أنه دخل إلى الأقصى من الجهة الشمالية بعدما عسكر الصحابة في سهل الساهرة.
وهي عبارة عن بناء مستطيل من الشرق إلى الغرب، يبلغ طولها 95م وعرضها 55م، وهذا المستطيل يتألف من عدة أبنية ومن فترات تاريخية مختلفة. وهي مكونة من التالي:
أ- الطابق الأرضي: وهو أبنية وقنوات مائية مرتفعة قديمة ملاصقة للصخر الذي أقيمت عليه هذه الأبنية.
ب- الطابق الأول: وهو أروقة و32 غرفة وساحتان.
ج- الطابق الثاني: فيه 25 غرفة وساحتان.
د- الطابق الثالث: فيه 8 غرف وسطوح المدرسة.
وتقدر مساحة المدرسة بحوالي 8 دونمات، وتضم المدارس الثلاثة التالية:
أولا: المدرسة المحدثية
تبدأ من الزاوية الغربية بجانب المئذنة (باب الغوانمة)، وهي مكونة من طابقين كل طابق فيه خمس غرف، وفي الطابق السفلي منها مسجد.
أنشأ المدرسة المحدثية عز الدين أبو محمد عبد العزيز العجمي الأردبيلي عام 762هـ/1360م، وهي تشرف على المسجد الأقصى ولها درج يؤدي إليه، لكنه أغلق مؤخراً حيث حولت هذه المدرسة في فترة من الفترات إلى ثكنة عسكرية.
ثانيا: المدرسة الجاولية
منشئ المدرسة ومؤسسها هو الأمير علم الدين سنجر الجاولي وأصله من آمد من ديار بكر، وكان عالماً تقياً متخصصاً في الفقه الشافعي.
أسست المدرسة في عام 685هـ/1286م في الفترة المملوكية وهي الفترة التي كان بها سنجر حاكماً لمنطقة فلسطين وغزة، ولا توجد على المبنى نقوش ويبدو أنها قد أزيلت، ففي بداية القرن الخامس عشر أعيد ترميم الجاولية لاستعمالها كحاكمية للقدس، واستخدمت في الفترة العثمانية مقرا للحكم العثماني حتى عام 1870م عندما انتقل الباشا الجديد إلى السرايا فبقيت فارغة.
وفي زمن حكومة الانتداب البريطاني اتخذت مقراً للشرطة، وفي عام 1938م اتخذها المجاهدون مقراً للجهاد المقدس، وفي الأربعينات ومع بداية الحكم الأردني أصبحت جزءاً من المدرسة العمرية، ولا تزال كذلك ولكنها مهجورة.
وتتكون الجاولية من إيوان كبير على جهة القبلة وعلى جانبيه غرفتان على الناحيتين، وتطل على المسجد عبر خمس نوافذ، ولها واجهات من الحجر الأبلق.
وأقيمت شرقي هذه الغرف الثلاث مبانٍ جديدة تخص المدرسة العمرية وهي مدرسة ابتدائية افتتحت عام 1923، وهناك ساحة مستطيلة شمال الغرف الثلاث المدخل إليها من الشمال عبر "طريق الآلام".
وهناك غرف من النواحي الشرقية والشمالية والغربية للساحة، وفي زمن الاحتلال الصليبي أضيفت غرفة استعملت ككنيسة لفرسان المعبد. وعندما حررت القدس أعادها الأيوبيون مدرسة واتخذوها مقراً للقيادة الأيوبية، وقد دفن بها أحد الصلحاء يسمى الشيخ درباس.
ثالثا: المدرسة الصبيبية
أنشأ هذه المدرسة ابن نائب القلعة الصبيبية (بانياس/سوريا) الأمير علاء الدين بن علي بن محمد وذلك عام 800هـ/1397م.
وتحتل الجزء الشرقي من المدرسة العمرية اليوم وتشمل القاعة والأبنية أسفلها، وتمتد باتجاه المسجد الأقصى فيما يسمى اليوم بالجناح الملكي (الطابق العلوي) الذي جدد في العهد البريطاني على يد المجلس الإسلامي الأعلى، بينما بقيت القاعة والأبنية الموجودة أسفلها على حالها منذ العهد المملوكي.
وقد كان لها دور كبير في المجال الفكري والثقافي وأوقفت عليها وقفيات عديدة، وفي أواخر العصر المملوكي استعملت داراً للنيابة، وفي أوائل العهد التركي استخدمت داراً للحاكم باسم السرايا ثم أصبحت "قشلاقاً" (ثكنة أو سكن عسكري) للجيش العثماني.
وفي زمن الانتداب البريطاني استأجرها الشيخ محمد الصالح من الأوقاف واستعملها مدرسة لتعليم الأولاد باسم روضة المعارف وبقيت كذلك حتى عام 1938م، ثم استولى عليها البريطانيون وحولوها مركزاً للشرطة حتى عام 1948م.
بعد ذلك أصبحت مقرا لجيش الإنقاذ العربي، ثم مقرا لقائد القدس الأردني، فمرفقاً لعدة دوائر إدارية في بداية العهد الأردني، وفي عام 1952 عادت مدرسة من جديد.