مغارة سليمان

يعود الفضل في متانة حجارة سور مدينة القدس وجودتها إلى كهف "مغارة القطن" والذي يقع في الجهة الشمالية من السور شرق باب العامود، حيث استخدمت حجارتها على مدار ثلاث سنوات لترميمه وبنائه في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني، كما استخدمت أيضا في بناء برج الساعة في يافا نهاية القرن الـ 19.

استعملت "مغارة القطن" -ومن أسمائها أيضا: الكتان، صدكياهو، مقالع سليمان، الكهوف الملكية- مقلعا للحجارة في عدة عصور، وتقدر مساحتها بنحو تسعة آلاف متر مربع تمتد أسفل منازل البلدة القديمة من القدس، وساعد قربها من السور على اقتلاع الحجارة التي شيّدت بها المباني الفخمة داخل القدس.

رغم أهمية المغارة التاريخية والمكانية فإن ورودها شحيح بالمصادر العربية، فقد ذكرها محمد بن أحمد شمس الدين المقدسي بكتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" بالقرن العاشر الميلادي، ومن ثم ذكرها بعده بخمسة قرون مجير الدين الحنبلي باسم "مغارة الكتان".

وذكرت المغارة في مراجع أجنبية مثل خرائط مسوحات فلسطين عام 1873 من قبل الكابتن "كلود كوندر" وسميّت باسميْ القطن والكتان نسبة إلى تخزين القطن والكتان بها في إحدى الفترات، وفق الباحث المقدسي فؤاد قطينة.

‪تقع مغارة القطن بالجهة الشمالية من سور القدس شرق باب العامود‬ تقع مغارة القطن بالجهة الشمالية من سور القدس شرق باب العامود (الجزيرة)‬

تبيّن اللافتات الموزعة داخل المغارة -والتي نصبتها بلدية الاحتلال باللغات العربية والإنجليزية والعبرية- أنها ظلت تستعمل كملجأ سري لأبناء الديانات السماوية الثلاث وكثير من الجمعيات حتى منتصف القرن الـ 19.

يقول مدير وحدة دراسات الآثار بجامعة القدس هاني نور الدين إن إعادة التعرف على مغارة القطن تم عام 1854ميلادية عن طريق الصدفة من قبل كاهن أميركي يدعى "جامس باركلي" أقحم المغارة في جدل كبير حول مسمى الموقع وماهيته التاريخية بين المهتمين بآثار وتاريخ القدس، وهو جدل استمر حتى وقتنا الحاضر، حيث ادعى باركلي في كتابه "مدينة الملك العظيم" وجود علاقة مباشرة بين المغارة ونصوص العهد القديم.

ويقال في أصل تسمية المغارة بكهف صدقياهو إنها نسبة إلى الملك صدقياهو الذي هرب إلى مدينة أريحا عبر المغارة خلال الحصار البابلي للقدس، وفقا للنص التوراتي وذلك عام 586 ق.م.


مكتبة الصور